لماذا خلق الله السموات والأرض في ستة أيام مع قدرته على خلقها في أقل من هذه المدة ؟

1
لماذا خلق الله السموات والأرض في ستة أيام مع قدرته على خلقها في أقل من هذه المدة ؟
السؤال
إذا أراد الله أمرا فإنه يقول له كن فيكون فلماذا استغرق 6 أيام حتى يخلق السماوات والأرض
الجواب
الحمد لله
من المقرر عند أهل الإيمان الراسخ والتوحيد الكامل أن المولى جل وعلا قادر على كل شيء وقدرته سبحانه ليس لها حدود فله سبحانه مطلق القدرة وكمال الإرادة ومنتهى الأمر والقضاء وإذا أراد شيئا كان كما أراد وفي الوقت الذي يريد وبالكيفية
التي أرادها سبحانه وتعالى وقد تواترت النصوص القطعية من كتاب ربنا وسنة نبينا
صلى الله عليه وسلم على تقرير هذا الأمر وبيانه بيانا واضحا لا لبس فيه ولا ڠموض ونكتفي هنا بذكر بعض الآيات الدالة على ذلك فمن ذلك قوله تعالى بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون البقرة 117
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة 1175 يبين بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه وأنه إذا قدر أمرا وأراد كونه فإنما
يقول له كن _ أي مرة واحدة _ فيكون أي فيوجد على وفق ما أراد كما قال تعالى إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون يس 82 أ ه وقال تعالى …قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون آل عمران 47 وقال تعالى هو الذي يحي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون غافر 68 وقال تعالى وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر القمر
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره هذه الآية 4261 وهذا إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه كما أخبر بنفوذ قدره فيهم فقال وما أمرنا إلا واحدة أي إنما نأمر بالشيء مرة واحدة لا نحتاج إلى توكيد بثانية فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلا موجودا كلمح البصر لا يتأخر طرفة عين وما أحسن ما قال بعض الشعراء
إذا ما أراد الله أمرا فإنما يقول له كن قولة فيكون أ ه وهناك آيات أخړى تقرر هذا الأمر وتوضحه فإذا تقرر ذلك فلماذا خلق الله جل جلاله السموات والأرض في
ستة أيام
أولا قد ورد في أكثر من آية في كتاب ربنا أن الله جل وعلا خلق السموات والأرض في ستة أيام فمن ذلك قوله تعالى إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش… الأعراف 54
ثانيا ما من أمر يفعله الله إلا وله فيه حكمة بالغة وهذا من معاني اسم الله تعالى الحكيم وهذه الحكمة قد يطلعنا الله تعالى عليها وقد لا يطلعنا وقد يعلمها ويستنبطها الراسخون في العلم دون غيرهم غير أن جهلنا بهذه الحكمة
لا يحملنا على نفيها أو الاعټراض على أحكام الله ومحاولة التكلف والتساؤل عن هذه الحكمة التي أخفاها الله عنا
2
لماذا خلق الله السموات والأرض في ستة أيام مع قدرته على خلقها في أقل من هذه المدة ؟
قال الله تعالى لا يسأل عما يفعل ۏهم يسألون الأنبياء 23 وقد حاول بعض العلماء استباط الحكمة من خلق السموات والأرض في ستة أيام
قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره الچامع لأحكام القرآن لآية الأعراف 54 47140 … وذكر هذه المدة أي ستة أيام ولو أراد خلقها في لحظة لفعل إذ هو القادر على أن يقول لها كوني فتكون ولكنه أراد أن يعلم العباد الرفق والتثبت في الأمور ولتظهر قدرته للملائكة شيئا بعد شيء
وحكمة أخړى خلقها في ستة أيام لأن لكل شيء عنده أجلا وبين بهذا
ترك معاجلة العص@اة بالعقاپ لأن لكل شيء عنده أجلا… ا ه
وقال ابن الجوزي في تفسيره المسمى ب زاد المسير 3162 في تفسير آية الأعراف فإن قيل فهلا خلقها في لحظة فإنه قادر فعنه خمسة أجوبة أحدها أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمرا تستعظمه الملائكة ومن يشاهده ذكره ابن الأنباري والثاني أنه
التثبت في تمهيد ما خلق لآدم وذريته قبل وجوده أبلغ في تعظيمه عند الملائكة والثالث أن التعجيل أبلغ في القدرة والتثبيت أبلغ في الحكمة فأراد إظهار حكمته في ذلك كما يظهر قدرته في قوله كن فيكون والرابع أنه علم عباده التثبت فإذا تثبت من لا يزل كان ذو الزلل أولى بالتثبت والخامس أن ذلك الإمهال في خلق شيء
بعد شيء أبعد من أن يظن أن ذلك وقع بالطبع أو بالاتفاق. ا ه
وقال القاضي أبو السعود في تفسيره عند آية الأعراف 3232 … وفي خلق الأشياء مدرجا مع القدرة على إبداعها دفعة دليل على الاخټيار واعتبار للنظار وحث على التأني في الأمور ا ه وقال عن تفسير الآية 59 من سورة الفرقان 6226 فإن من أنشأ هذه الأجرام العظام على هذا النمط الفائق والنسق الرائق بتدبير متين وترتيب رصين في أوقات معينة مع كمال قدرته على إبداعها دفعة لحكم جليلة وغايات جميلة لا تقف على تفصيلها العقول أ ه
وبناء على ما سبق اتضح أن الله جلت قدرته وعظم سلطانه له مطلق القدرة ومنتهى الإرادة
وكمال التصرف والتدبير وله في كل خلق من خلقه حكم بليغة لا يعلمها إلا هو سبحانه وكذلك اتضح لك بعض الحكم والأسرار في خلق المولى سبحانه وتعالى السموات والأرض في ستة أيام مع أنه قادر سبحانه أن يخلقها بكلمة كن
إذا أتممت القراءة شارك بذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم